لا يوجد اليوم أي مشروع برمجي، سواء كان تطبيق جوال أو تطبيق ويب، إلا وغالباً ما يعتمد على واجهة برمجة تطبيقات (API). واجهة برمجة التطبيقات هذه هي ما نعرفها في مفهومنا بالواجهة الخلفية (Backend). ولكن لكي نفهم ما تعنيه واجهة برمجة التطبيقات ونتحدث عن هذا الموضوع باستفاضة أكبر، دعونا ننتقل إلى مستوى أكثر تفصيلاً، وهو فكرة انتقال البيانات عبر الشبكة.
فهم بنية التطبيقات الحديثة
عندما نتحدث عن بنية تطبيق نموذجي، يمكننا تقسيمه إلى الأجزاء التالية:
- الواجهة الأمامية (Frontend): هي الجزء الموجه للمستخدم الذي يتفاعل معه مباشرة، سواء كان تطبيق جوال أو موقع ويب.
- الواجهة الخلفية (Backend): تعمل على خادم (Server) على السحابة (Cloud)، وتتصل بقاعدة بيانات (Database) لحفظ واسترجاع البيانات. قد تتواصل الواجهة الخلفية أيضاً مع خدمات (Services) أخرى.
- قاعدة البيانات (Database): حيث يتم تخزين كافة معلومات التطبيق.
كل هذا التفاعل في جانب الخادم يحدث بعيداً عن المستخدم.
دور واجهات برمجة التطبيقات (RESTful APIs)
عندما نتحدث عن الاتصال بين الواجهة الأمامية والواجهة الخلفية، فإنه يتم عبر الشبكة باستخدام بروتوكول HTTP
. معيار HTTP
ينص على أنه لكي تطلب شيئًا من الخادم، فإنك ترسل له طلبًا (Request)، وهذا الطلب يحتوي على نوع الطريقة (Method) والبيانات المطلوبة. بعد ذلك، يرد الخادم باستجابة (Response)، وهذه الاستجابة توضح ما إذا كانت العملية قد تمت بنجاح أم لا، من خلال ما يسمى برمز الحالة (Status Code).
هذه هي الفكرة الأساسية لواجهات برمجة التطبيقات من نوع RESTful API، حيث تكون الواجهة الخلفية مفتوحة على الشبكة بحيث يمكن لأي تطبيق واجهة أمامية التواصل معها عبر بروتوكول HTTP
. إنه معيار موحد، ولا توجد أي مشكلة على الإطلاق في أن أي نوع من التكنولوجيا قد يتغير أو يتطور لاحقًا سيظل يستخدم بروتوكول HTTP
. حتى إن الواجهة الأمامية تسمى عميل HTTP
(HTTP Client)، والواجهة الخلفية تكون هي خادم RESTful API.
تحدي الربط بين الواجهات الأمامية والخلفية
في سوق العمل اليوم، غالبًا ما يكون مطور الواجهة الخلفية شخصًا لا علاقة له بمطور الواجهة الأمامية. بمعنى أنه يمكن أن يأتي مطور تطبيقات جوال ليبني شاشات التطبيق، ويأتي مطور آخر يعمل على الواجهة الخلفية لينشئ واجهات برمجة التطبيقات. ثم يأتي دور عملية الربط بين هذين الجزأين.
عملية الربط هذه تتطلب أن يكون التواصل بين المطورين واضحًا وصريحًا. فمطور الواجهة الأمامية ليس لديه خلفية عما تم بناؤه في الواجهة الخلفية. وبالتأكيد لن يكون فعالاً أن تقول له: “تفضل، هذا هو الرمز البرمجي، ونقاط النهاية (Endpoints) مكتوبة فيه، ابحث بنفسك هل هذه GET
أم POST
أم PUT
؟”. أو حتى أنت شخصيًا، لو كنت من بنى الواجهة الخلفية، قد تنسى تفاصيل ما بنيته أو كيف كان شكل البيانات التي يتلقاها الطلب.
الحل: توثيق واجهات برمجة التطبيقات (API Documentation)
من أجل حل مشكلة هذه العشوائية، حيث يضطر المطورون لتخمين هيئة الطلب أو أسماء الخصائص في كائن JSON
المرسل، نقوم بعمل توثيق لواجهة برمجة التطبيقات (API Documentation). الهدف من هذا التوثيق هو تسجيل جميع نقاط النهاية الموجودة في الواجهة الخلفية بشكل منهجي.
يمكن بعد ذلك مشاركة هذا التوثيق مع أي شخص سيستخدم الواجهة الخلفية، بحيث عندما ينظر إليه، يفهم بوضوح:
- ما هي نقطة النهاية.
- ما هو نوعها (
GET
,POST
, etc.). - ما هي البيانات التي تعيدها.
وهكذا يستطيع بناء المنطق البرمجي لديه بناءً على هذا التوثيق الواضح.
أدوات التوثيق الشائعة
أفضل طريقة اليوم لتوثيق واجهة برمجة التطبيقات هي استخدام الأدوات التي تنشئ صفحة ويب تفاعلية للواجهة الخلفية تحتوي على قائمة بجميع نقاط النهاية.
1. Swagger (OpenAPI)
باستخدام Swagger، يمكنك توثيق كل نقاط النهاية الخاصة بك والسماح للمطورين بتجربتها مباشرة من المتصفح. يمكنهم رؤية ماذا تتلقى في الطلب (Request)، وكيف تبدو الاستجابة (Response)، وإذا كانت تتلقى ترويسات (Headers) مثل رمز المصادقة (Authentication Token)، فكيف يكون شكله وما اسمه. كل هذه الأمور تكون موثقة، مما يحل مشاكل هائلة في عملية التكامل ويمنع التخمين العشوائي وإضاعة الوقت.
أهمية الإصدارات (Versioning)
يصبح التوثيق مهماً جداً عند إصدار نسخ (Versioning) لواجهات برمجة التطبيقات. فعندما تنشئ إصدارًا جديدًا (e.g., /v2/users
) بميزات جديدة، يمكنك توثيقه بشكل منفصل. وعندما يرغب المطور في الترقية من /v1
إلى /v2
، سيتمكن من النظر إلى التوثيق لمعرفة الفروقات وكيفية إجراء الترقية بسهولة.
2. Postman
Postman أداة أخرى هائلة ومستخدمة على نطاق واسع. فكرتها تشبه Swagger ولكنها أداة مستقلة غير مرتبطة مباشرة بالواجهة الخلفية. بينما يتم تثبيت Swagger داخل مشروع الواجهة الخلفية نفسه، يعمل Postman كتطبيق منفصل.
ميزات Postman:
- الاستقلالية: يعمل كأداة منفصلة، مما يسمح لك بتنظيم المجموعات (Collections) بمعزل عن كود الواجهة الخلفية.
- التعاون: يمكنك إنشاء فرق عمل ودعوة مطورين آخرين ومشاركة المجموعات معهم.
- التحكم في الوصول: يمكنك التحكم في صلاحيات الوصول لكل عضو في الفريق، وتحديد المجموعات التي يمكنه رؤيتها.
- ميزات متقدمة: يدعم متغيرات البيئة (Environment Variables) وإنشاء أمثلة (Examples) متعددة لكل طلب.
يعتبر Postman أداة أكثر ثراءً ومرونة، مما يجعله خيارًا قويًا لإدارة واختبار واجهات برمجة التطبيقات المعقدة.
أفضل الممارسات في تصميم الواجهات البرمجية
كمطور واجهة خلفية، يجب عليك دائمًا مراعاة أفضل الممارسات (Best Practices) في تكوين واجهات برمجة التطبيقات. فالتوثيق الجيد لا يغني عن التصميم السيء. بناء الواجهات البرمجية وتسميتها وتوظيفها بشكل صحيح يريحك أنت وفريقك في عمليات التعديل المستقبلية.
خلاصة أفضل الممارسات:
POST
: لإنشاء موارد جديدة.GET
: لاسترجاع البيانات.PUT
: للتحديث الكامل لمورد موجود.PATCH
: للتحديث الجزئي لمورد موجود.DELETE
: لحذف مورد.
من الكوارث الشائعة استخدام POST
لكل شيء، وتسمية نقاط النهاية بشكل وصفي للفعل مثل: /user/delete
أو /user/create
. هذا ليس معيارياً. الطريقة الصحيحة هي استخدام اسم المورد (e.g., /users
) ثم استخدام أفعال HTTP
المناسبة للتعامل معه.
خاتمة
ظهرت اليوم حلول مثل GraphQL التي تحاول تبسيط بعض هذه الجوانب، ولكن لا تزال RESTful API هي الأصل والمعيار العالمي في التكامل بين الواجهات الخلفية والأمامية. بغض النظر عن التقنيات المستخدمة في كل طرف، يظل RESTful API هو الجسر الموحد الذي يضمن تواصلاً سلساً وفعالاً. إن اتباع أفضل الممارسات وتوفير توثيق واضح ودقيق هو مفتاح نجاح أي مشروع برمجي حديث.