كيف تبدأ العمل الحر كمبرمج: نصائح وخطوات عملية

في هذا المقال، سنتناول موضوع دخول عالم العمل الحر (الفريلانس) كمبرمج. أي شخص اليوم يرغب في العمل في مجال البرمجة أمامه حلان: إما أن يعمل في شركة أو يرتبط بمكان ما في وظيفة، أو أن يعمل لحسابه الخاص. ولكن دائمًا ما تكون هناك تحديات كبيرة في هذا الطريق، وأهمها هو “كيف أبدأ؟”.

ما هو العمل الحر؟

دعونا أولاً نوضح مفهوم العمل الحر. على عكس الوظيفة التقليدية في شركة، حيث تلتزم بمواعيد عمل محددة، على سبيل المثال من الساعة التاسعة صباحًا حتى الخامسة مساءً، وتكون ملزمًا بمهام معينة تنهيها مع نهاية يوم العمل، فإن العمل الحر يختلف. في الوظيفة، تنتهي مسؤوليتك بانتهاء ساعات العمل، ولك راتب شهري ثابت تلتزم به الشركة بناءً على اتفاقكما خلال فترة العقد.

أما في العمل الحر، فأنت تتفق مع عميل على تنفيذ مشروع معين في فترة زمنية محددة. تخبره أنك ستنجز المشروع في شهر، شهرين، أو ثلاثة، حسب نوع المشروع وحجمه. لا يهم العميل إن كنت تعمل صباحًا أو مساءً، أو حتى إن كنت تعمل على عشرين مشروعًا آخر في نفس الوقت. كل ما يلزمه هو أن تسلم المشروع في الموعد المتفق عليه، وأنت بدورك تلزمه باتفاق مادي مقابل المشروع الذي ستنفذه، مع تحديد مواعيد للدفعات.

بالطبع، العمل الحر لا يقتصر على البرمجة فقط، بل يشمل مجموعة واسعة من الخدمات التي يمكن لأي شخص تعلمها وتقديمها كخدمة مقابل أجر، مثل كتابة المقالات (الكوبي رايتنج)، التصميم، أو مونتاج الفيديو. لكن في هذا المقال، سنركز تحديدًا على أبعاد دخول مجال العمل الحر في البرمجة.

المهارات الأساسية لبدء العمل الحر

منطقيًا، أول ما يجب أن تمتلكه هو المهارات التي تمكنك من بناء مشروع كامل بمفردك. يعتقد الكثيرون أن تعلم أساسيات البرمجة وفهم كيفية كتابة بعض الأكواد يكفي ليصبحوا جاهزين لبناء تطبيق. لكن الحقيقة أنك تحتاج إلى فهم أساسيات بناء المشاريع البرمجية، وهذا يتم عبر تعلم ما يسمى بـ دورة حياة تطوير البرمجيات (Software Development Life Cycle - SDLC).

تعلم مراحل بناء مشروع برمجي هو أمر أساسي لإدارة العملية بنجاح، وهو ما يضمن نجاح المشروع في النهاية. إذا لم تهتم بهذا الجانب، خاصة وأنك قد تكون الشخص الوحيد القائم على المشروع، فلن تتمكن من إدارته بشكل صحيح. يجب ألا تتعامل مع نفسك كمجرد مهندس يكتب كودًا أو ينفذ ميزة معينة، بل كمدير للمشروع. عليك تحديد الأولويات، تنظيم المهام، وجدولتها، وهذا هو جوهر الـ SDLC.

مراحل إدارة المشروع

  1. التخطيط (Planning): تبدأ العملية بمرحلة التخطيط، حيث تخطط لكيفية بناء البرنامج وتحديد المتطلبات بدقة. يجب أن تجلس مع العميل وتستمع جيدًا للمتطلبات التي يريدها في المشروع. يجب أن تكون هذه المتطلبات واضحة تمامًا لك، لأن أي غموض سيؤدي إلى مشاكل وخلافات لاحقًا.
  2. تصميم الهيكل (System Design): بعد فهم المتطلبات ورؤية العميل، تقوم بوضع هيكل المشروع. عليك تحديد المنصة المستهدفة، هل هو موقع ويب أم تطبيق جوال؟ قد يخلط العميل بين الأمور ويعتقد أن جميع التطبيقات متشابهة. من المهم جدًا الاتفاق على المنصة التي سيعمل عليها التطبيق (موبايل، ديسكتوب، ويب).
  3. هيكلة الكود: إذا كنت قد درست تصميم النظم (System Design)، فسيفيدك ذلك جدًا. أما إذا لم تكن لديك هذه الخلفية، فيمكنك الاعتماد على أطر العمل (Frameworks) الحديثة التي توفر هيكلة جاهزة. على سبيل المثال، إطار عمل مثل Angular يفرض عليك طريقة معينة في بناء تطبيقات الويب وهيكلة الكود، مما يسهل عليك هذه المهمة. الهيكلة الجيدة للمشروع مهمة لك أنت كمطور، فهي تتيح لك تعديل المشروع وإضافة ميزات جديدة بسهولة في المستقبل.

التعامل مع العميل

عندما تتحدث مع العميل، لا تقدم تقديرًا عشوائيًا للوقت والتكلفة. اطلب منه قائمة بالمتطلبات، وادرسها جيدًا لتقييم الوقت الذي قد تستغرقه كل ميزة. أضف فترة إضافية للاختبار (Testing) والنشر. بهذه الطريقة، يمكنك تقديم تقدير دقيق للوقت.

من المهم أيضًا أن توضح للعميل أن هذا الوقت تقديري وقد يتغير بناءً على أي متغيرات قد تطرأ، مثل طلبه لتعديلات إضافية لم تكن في الاتفاق المبدئي. كن واضحًا منذ البداية أن أي تغيير سيؤثر إما على الوقت أو على التكلفة.

أين تجد العملاء؟

هناك نوعان من العملاء الذين ستتعامل معهم:

1. العميل القادم عن طريق معرفة (Referral)

هذا العميل يأتي إليك بناءً على توصية من شخص يعرفك، سواء كان صديقًا أو قريبًا. كن حذرًا جدًا في التعامل مع هذا النوع من العملاء، لأنه يأتي وهو يثق بك ويتوقع منك تحقيق كل ما يحلم به. قد تنشأ نزاعات إذا لم تتمكن من السيطرة على الموقف بشكل صحيح، لأنه قد لا يكون على دراية بالتكاليف الحقيقية للمشروع. قد تشعر بالحرج من إخباره بالتكلفة العالية خوفًا من أن يعتقد أنك تستغله.

الحل هو أن تكون واضحًا وصريحًا منذ البداية، واجعل العلاقة مهنية وتركز على العمل أكثر من كونها علاقة شخصية. إذا تمكنت من تحقيق ذلك، فالثقة المتبادلة ستؤدي إلى نتائج عمل ممتازة.

2. العميل الذي لا تعرفه (منصات العمل الحر)

هذا هو العميل الذي تجده عبر منصات العمل الحر. يوجد اليوم العديد من هذه المنصات:

بالإضافة إلى ذلك، هناك مجموعات كثيرة على مواقع التواصل الاجتماعي مثل LinkedIn و Facebook، حيث يتم نشر إعلانات عن مشاريع حرة.

نصائح للنجاح على منصات العمل الحر:

قد تتقدم لمئة إعلان ولا تُقبل في البداية، ولكن مع الإصرار والمحاولة المستمرة، ستحصل على فرصة بالتأكيد.

هل أبدأ بالعمل الحر أم بالعمل في شركة؟

من واقع التجربة العملية، من الأفضل أن تبدأ مسيرتك المهنية في شركة. العمل في شركة يمنحك فرصة للتعلم من بيئة عمل جاهزة، حيث ترى كيف يتم تطبيق هيكلة المشاريع على أرض الواقع. تتعلم من مدير المشروع، قائد الفريق، وزملائك المهندسين، وتكتسب خبرة عملية أساسية.

بعد أن تقضي فترة كافية في شركة (سنة أو سنتين) وتكتسب الخبرة اللازمة، يمكنك الانطلاق في عالم العمل الحر. البعض ينجح في الجمع بين الأمرين، حيث يعمل في شركة وبدوام جزئي على مشاريع حرة، مما يزيد من دخله وينوع من خبراته.

العمل الحر أثناء الدراسة

إذا كنت لا تزال طالبًا في الكلية، فهل يمكنك البدء في العمل الحر؟

إذا أتيحت لك الفرصة للعمل على مشروع حر، فلا تتردد، بشرط أن تكون قد تأسست جيدًا في أساسيات البرمجة (ربما في السنة الثانية أو الثالثة من دراستك). لا بأس أن تخوض التجربة حتى لو لم تكن لديك خبرة سابقة، طالما أنك درست وتعلمت كل ما يتطلبه المشروع.

أول مشروع ستعمل عليه لن يكون مثاليًا من حيث الهيكلة أو نظافة الكود، ولكنه سيعلمك الكثير. لكن لا تدع هذا يجعلك تتسرع في قبول مشروع لست مستعدًا له بعد. تأكد من أن لديك الأساس البرمجي الذي يؤهلك لإنجاز المشروع.

ضع في اعتبارك أيضًا عامل الوقت. إذا كنت في إجازة الصيف، فسيكون لديك وقت كافٍ للتركيز. أما إذا كنت في منتصف الفصل الدراسي، فقد يسبب لك ذلك تشتيتًا. أعطِ الأولوية لدراستك إذا كان العمل الحر سيتعارض معها، فالكلية تؤسسك بشكل جيد للمستقبل.

نأمل أن يكون هذا المقال قد قدم فائدة للمهتمين بدخول مجال العمل الحر.

شارك المقال

أحدث المقالات

CONNECTED
ONLINE: ...
SECURE
00:00:00