اليوم، مع ظهور V0 وأدوات الذكاء الاصطناعي وتقدمها المذهل، ما الذي يميز V0 عن LLaVA وFirebase Studio من ناحية النموذج اللغوي الكبير (LLM)؟ التحدي الكبير اليوم الذي يحاول الجميع الفوز بسباقه هو أن يصبح النموذج اللغوي الكبير ذكياً بما يكفي ليقدم لك نتائج دقيقة.
اليوم، يقع التحدي عليك كمستخدم يتعامل مع هذا النموذج، أياً كانت العلامة التجارية التي يتبعها، فذلك لا يهم الآن. التحدي هو أن تكتب الأمر (Prompt) السليم، الصحيح، والدقيق الذي يحتوي على كل أنواع التفاصيل الممكنة، وتعريف الأدوار (Role Definition)، وأن تزوده بالسياق الذي سيعمل فيه، والتكنولوجيا المحددة، والحزمة (Package) والمكتبات (Libraries) التي سيستخدمها. إذا لم تفعل ذلك بشكل سليم، فغالباً ما ستكون النتائج التي ستحصل عليها بعيدة عن المطلوب. لنتفق على هذا مبدئياً. هذا بالطبع هو فكر هندسة الأوامر (Prompt Engineering).
نهج V0 الفريد
ولكي يتمكنوا من تحسين النموذج، يتوقعون منك أن تحسن طريقتك في كتابة الأوامر. لكن V0، بصراحة، يتبنى فكرة في اتجاه مختلف تماماً، أشعر أنه في معادلة خاصة به. إنه يركز على حزمة تقنية (Tech Stack) محددة، حديثة، وجذابة، وهي:
Next.js
Tailwind CSS
- مكونات جاهزة من مكتبة
Shadcn UI
(المبنية علىRadix UI
)
لقد أخذ كل هذه المجموعة وركز على بناء نماذج احترافية تتمحور حول هذه الحزمة التقنية فقط.
في الواقع، V0 موجود منذ فترة طويلة، وكان لديه نظام عام جداً في إنشاء التطبيقات التي ينتجها. وقد نشرنا مقالاً سابقاً تحدثنا فيه عن قدرة V0 على إنشاء واجهات أمامية (Frontend). لكنهم مؤخراً أطلقوا نموذجهم اللغوي الكبير الخاص بهم والذي يركز على هذه الحزم التقنية تحديداً. قدرة هذا النموذج تكمن في أنه يستطيع، بأمر بسيط جداً، مثل أن تطلب منه بناء موقع للتجارة الإلكترونية، أن يبدأ في إضافة الأنماط والأشكال والألوان.
أود أن أقول إنني أكتب الأمر بطريقة تركز على جانب العمل (Business). على سبيل المثال، أقول له: “أريدك أن تبني لي موقعاً للتجارة الإلكترونية”. وقد قمنا بتجربة في مقال سابق حيث طلبت منه: “أنشئ لي هذا الموقع التجاري، واجعل كل الأفكار التي تنفذها مستقبلية الطابع والألوان”. بصراحة، النتيجة التي قدمها كانت رائعة. لم أكن أتخيل أنه بأمر بسيط كهذا يمكنه إنتاج هذه الأشكال والألوان. اطلب منه إنشاء مظهر داكن (Dark Theme)، دعم اللغتين العربية والإنجليزية، وستجد أن العمل رائع.
البساطة مقابل الخبرة
بالطبع، توجد أخطاء، فهو ليس مثالياً ولا كاملاً، ولن ينتج أفضل شيء في العالم. ولكن فكرة تركيزه على هذه الحزمة التقنية تجعل تفكيرك موجهاً. وهذا هو التحدي الذي أراه اليوم: ألا يزيد النموذج اللغوي الكبير العبء على الشخص الذي يستخدمه. لا يمكن القول إن “البرمجة بالحدس” (Vibe Coding) هي مجرد إعطاء أوامر سطحية، لأن ذلك سينتج كوداً سيئاً. وإذا أعطيته أوامر عميقة، فسينتج كوداً أفضل. هذا في حد ذاته لا يعني أنها “برمجة بالحدس”. في الحقيقة، هذا يتطلب “برمجة خبير” (Expert Coding). أنت تحتاج إلى خبير ليرشدك في كيفية كتابة الأوامر.
لكن V0 بصراحة يوازن المعادلة. لاحظ أيضاً أن Next.js
يتمتع بخصائص رائعة، مثل “إجراءات الخادم” (Server Actions)، والقدرة على تشغيل خادم، مما يعني أنه يمكنه فعل كل شيء ضمن نفس الحزمة التقنية. فإذا كنت تنفذ عملية تسجيل دخول (Login)، أو تسجيل خروج (Logout)، أو إنشاء حساب (Sign up)، وتريد حفظ البيانات في قاعدة البيانات، يمكنك فعل ذلك عبر Next.js
مباشرة دون الحاجة إلى واجهة خلفية منفصلة. ومع وجود خدمات مثل Supabase
وNeon
، يمكنك بكل سلاسة دمج Next.js
معها مباشرة من خلال خدمة V0.
دراسة حالة: MVP بستة أوامر
قرأت مقالاً يتحدث عن فريق تمكن من كتابة ستة أوامر فقط لإنشاء منتج قابل للتطبيق (MVP) في المجال الطبي باستخدام V0. ليس مجرد منتج أولي، بل منتج قدموه للعميل وقام بتشغيله فعلياً. هل هذا معقول؟
حسناً، لنتفق على شيء. هم قالوا إنهم فعلوا ذلك، ولكن يجب أن نضع كلامهم في سياقه الصحيح. لقد نظرت إلى الأوامر التي استخدموها؛ كانت مكتوبة بواسطة خبير تسويق وخبير منتجات. الشخص الذي كتبها يفهم جيداً جانب العمل. كان يوجه الأداة بشكل دقيق، على سبيل المثال:
“أريدك أن تنشئ لي عنواناً رئيسياً يحتوي على النص (كذا) تحديداً، وعنواناً فرعياً يحتوي على النص (كذا). وأريدك أن تنشئ زراً مكتوباً عليه (كذا)، وعبارة تحث المستخدم على اتخاذ إجراء (Call to Action) هنا، وأن تضع (كذا) في قسم الـ Hero.”
إنه يصف فعلياً وثيقة متطلبات المنتج (PRD) الخاصة بالصفحة. الشخص الذي صاغ هذه الأوامر هو شخص يفهم العمل جيداً، بل هو خبير كبير.
للأمانة، V0 أداة جيدة وستعطيك نتائج جميلة، ولكن غالباً عند نقطة معينة، ستصبح النتائج كلها متشابهة. لكن باستخدام الأمر المكتوب بخبرة، تمكن من إنجاز شيء مهم: لقد ركز على جانب العمل فقط ولم يدخل في التفاصيل التقنية. وهذا يعني أن مدير المنتج الماهر يمكنه استخدام خبرته في المنتج لإنشاء موقع احترافي دون الحاجة لفهم Next.js
أو Radix
. كل ما يحتاج إلى وصفه هو التفاصيل: الشكل، اللون، الفكرة. هو لا يصف أي شيء تقني، وهذه هي أهم نقطة في المعادلة.
التحديات الأمنية والتقنية
حسناً، إذا لم أصف ذلك ولم أشرف عليه بشكل جيد، وركزت فقط على جانب العمل وأنا لست خبيراً في الكود، فما المشاكل التي قد تحدث؟ مشاكل أمنية مثلاً؟ بما أن كل الأكواد أصبحت متشابهة، فإذا تم اكتشاف ثغرة واحدة، ستؤثر على كل الأكواد.
هذه وجهة نظر جيدة. تعقيبي عليها هو أن V0 يركز على حزمة تقنية معينة وهو نفسه من صنع هذه الحزمة (شركة Vercel صنعت Next.js
وV0). هذا يجعل تتبع المشاكل الأمنية وإصلاحها أسرع.
المشاكل الحقيقية التي ستواجهها هي المشاكل التقليدية في البرمجة، والتي لن تتمكن من حلها إذا لم تكن لديك خبرة. على سبيل المثال، محاولة دمج حزمة SDK لا تعمل بسلاسة مع بيئة Next.js
. هذه ليست مشكلة V0 تحديداً، بل هي مشكلة تتعلق بالحزمة التقنية نفسها. وهنا يأتي السؤال الأهم: إذا كنت تبني شيئاً يتطلب تخصيصاً كبيراً، فلا بد لك من الاستعانة بمهندس لتقييم الموقف.
بناءً على هذا، سيظل الأمن أزمة دائمة في أي حزمة تقنية، وهو فكر هندسي عام. لكن في هذه الحالة، لا بد أن يتطور مستواك من مجرد كونك صاحب عمل إلى أن تكتسب بعض المعرفة التقنية، على الأقل لتفهم ما يقدمه لك V0.
هل يجب أن أتعلم هندسة الأوامر؟
يأتي هنا السؤال المهم: مع ظهور أدوات الذكاء الاصطناعي، هل يجب أن أتعلم هندسة الأوامر (Prompt Engineering)؟
بالطبع. مهما تطورت النماذج اللغوية الكبيرة، وكما ذكرت، فإن V0 يحاول جعلك تكتب أوامر تركز على العمل أكثر، إلا أنك ما زلت تكتب أوامر. ستصف له الشكل، اللون، الفكرة، والموضع. يجب أن تصف كل شيء بدقة. لا يمكنك أن تقول له “صغّر لي هذا”، فهذه عبارة غامضة جداً. بل يجب أن تقول: “أريدك أن تضعها في الثلث العلوي السفلي (Lower Top Third)، على بعد 50 بيكسل من اليمين”. حينها سينفذ طلبك بشكل جيد. لكن التجارب الغامضة مثل “صغّرها قليلاً” أو “حسّنها” لم تعطني أي نتائج جيدة، حتى مع V0.
إذاً، هندسة الأوامر هي إحدى المهارات التي ستصبح أساسية، مثل معرفتك باللغة الإنجليزية. ستصل هندسة الأوامر عند نقطة معينة لتصبح من المسلمات. وهذا ما دفع شركات مثل جوجل لتقديم دورات كاملة لتعليمها.
لذا، أرى أنه يجب على الناس الإسراع بتعلم هذا الفكر، على الأقل الحد الأدنى منه:
- افهم ما هو تعريف الأدوار (Role Definition).
- افهم ما هو السياق (Context).
- افهم معنى الذاكرة (Memory).
- تعلم كيف تعطي التعليمات (Instructions) وكيف تصفها.
- افهم الفروق بين هذه العناصر وكيفية تركيبها وتكوينها معاً.