كيف تختار الحاسوب المحمول المناسب للبرمجة؟ الدليل الشامل

إذا كنت تبحث عن حاسوب محمول للبرمجة، فيجب أن تضع في اعتبارك أنه لا يوجد شيء اسمه “حاسوب محمول مخصص للبرمجة” أو “حاسوب للمبرمجين”. هذا حاسوب محمول بسعر 35,000 جنيه وهذا آخر بسعر 55,000 جنيه، وكلاهما يصلح للبرمجة. كما أن الحواسيب المحمولة الأعلى سعرًا من ذلك تصلح للبرمجة، والأقل سعرًا تصلح هي الأخرى. حتى الهاتف المحمول الذي في يدك يمكن استخدامه للبرمجة. الفكرة والسؤال هو: ماذا ستبرمج؟

لهذا السبب، سنتحدث في هذا المقال عن الإمكانيات المطلوبة لكل مجال من مجالات البرمجة، سواء كنت تطور مواقع ويب، تبرمج تطبيقات موبايل، تصمم ألعابًا، تتعلم الذكاء الاصطناعي، أو حتى تعمل في الأمن السيبراني. دعنا نفهم معًا ما هو الحد الأدنى من الإمكانيات المطلوبة لكل مجال، وكيف تختار الحاسوب المحمول الذي يناسب احتياجاتك دون إهدار أموالك في إمكانيات لن تستخدمها.

ليس هذا فحسب، بل سأعطيك أيضًا نظرة عامة على كل مجالات البرمجة لتأخذ فكرة عنها قبل أن تختار المجال الذي ستكمل فيه، وسأقدم لك نصائح تقنية مهمة ستوفر عليك الكثير من المال. فلتتابع معي حتى نهاية المقال، حيث سأُرشح لك أفضل الحواسيب المحمولة التي تناسب كل مجال.

ملاحظة للمستخدمين الآخرين

إذا كنت قد أتيت لأي استخدام آخر للحاسوب المحمول مثل الألعاب، المونتاج، أو حتى العمل المكتبي البسيط، فقد أعددت مقالات أخرى تتضمن معلومات مفصلة عن كل مكونات الحاسوب المحمول وكيفية اختيار الجهاز الذي يناسب احتياجاتك مهما كانت. أما إذا كنت هنا من أجل البرمجة، فدعني أقسم لك الموضوع ببساطة.

غالبًا، لن يخرج استخدامك للحاسوب المحمول في البرمجة عن هذه المجالات:

البرمجة العامة (General Programming)
تطوير مواقع الويب (Web Development)
تطوير تطبيقات الموبايل (Mobile Development)
تطوير الألعاب (Game Development)
الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة (Machine Learning)
الأمن السيبراني (Cybersecurity)

نقطتان هامتان قبل البدء

قبل أن أتحدث عن متطلبات هذه المجالات، دعنا نتفق على نقطتين أساسيتين:

1. حاسوب للتعلم أم حاسوب للعمل؟

هناك فرق بين شراء حاسوب محمول لتتعلم عليه وآخر لتعمل عليه. يمكنك شراء حاسوب بإمكانيات ضعيفة جدًا لتتعلم البرمجة، وهنا لا توجد مشكلة. لكن إذا كنت ستعمل عليه لاحقًا في مشاريع تجارية، فهذا الحاسوب لن يفيدك ولن تتمكن من إنجاز أي مشاريع حقيقية به، وستحتاج إلى بيعه وشراء آخر جديد بإمكانيات أقوى.

لماذا أقول هذا الكلام؟ لأن معظم منشئي المحتوى وأصحاب محلات الأجهزة ينصحونك بالبدء في تعلم البرمجة بأي إمكانيات مهما كانت ضعيفة، ثم تطوير حاسوبك لاحقًا “عندما تتحسن ظروفك”. مبدئيًا، الحاسوب المحمول لا يمكن تطويره بشكل كبير؛ أقصى ما يمكنك تغييره هو ذاكرة الوصول العشوائي (RAM) أو وحدة التخزين (HDD/SSD). فإذا أردت تطويره، يجب أن تبيع القديم وتشتري جديدًا. وهنا تكمن المشكلة: الحاسوب القديم الضعيف لن يجلب لك سعرًا جيدًا لأنه قديم ومستعمل وضعيف الإمكانيات، وبالتالي ستكون العملية كأنك تشتري حاسوبًا جديدًا من الصفر. كان من الأفضل شراء حاسوب قوي من البداية.

المشكلة الثانية في عبارة “عندما تتحسن ظروفك”، فالأمر أحد اثنين: إما أنك ستعمل بالحاسوب القديم الضعيف لجني المال، وهذا لن ينجح لأن لا أحد هذه الأيام يجني المال من برمجة آلة حاسبة، أو أن لديك عملًا آخر تجني منه المال، وفي هذه الحالة يمكنك الادخار وشراء حاسوب جديد.

خلاصة القول: إذا كان بإمكانك شراء حاسوب قوي، لا تتأخر. أما إذا كانت ميزانيتك محدودة وتكفي لشراء جهاز بسيط لتتعلم عليه، فلا توجد مشكلة على الإطلاق. اذهب واشترِ أي حاسوب تستطيع تحمل تكلفته، لكن ضع في حسابك أنك ستحتاج لاحقًا إلى المال لتطويره، وهذا يعني أنك ستحتاج إلى جني المال من عمل آخر وتدخر لشراء حاسوب أقوى، بينما تكون قد تعلمت البرمجة بجانب عملك. حينها، ستكون جاهزًا لتنفيذ مشاريع برمجية كبيرة تجني منها أموالًا حقيقية.

2. الشغف أم الجهاز؟

أكثر من 80% ممن سيقرؤون هذا المقال ليسوا مبرمجين أو مهندسي برمجيات، ويدخلون المجال من باب الشغف والتجربة. أغلبهم يعتقدون أن بداية البرمجة تعني شراء حاسوب محمول، مع أن معظمهم سيبرمج لمدة أسبوعين ثم يقضي وقته في اللعب ومشاهدة الأفلام على يوتيوب، وينسى لماذا اشترى الحاسوب أصلًا. نسبة قليلة جدًا هي التي ستكمل وستصل، وهم من يدركون أن الإرادة والتصميم والتخطيط هم الأساس قبل الحاسوب المحمول. ليس كل من اشترى حاسوبًا للبرمجة أصبح مبرمجًا.

انتهى جزء التوعية، فلندخل في المعلومات التقنية.

عوامل مشتركة لأي حاسوب محمول للبرمجة

مبدئيًا، توجد عوامل مشتركة يجب توفرها في أي حاسوب محمول ستشتريه، بغض النظر عن مجال البرمجة الذي ستدخله:

وحدة التخزين (SSD): يجب أن تكون وحدة التخزين من نوع SSD وليس HDD. الفرق في السرعة بينهما كبير ويصل إلى 10 أضعاف لصالح الـ SSD، مما يجعل الحاسوب سريعًا جدًا في إقلاع نظام التشغيل، فتح البرامج، ونقل الملفات.
دقة الشاشة (Full HD): يجب ألا تقل دقة الشاشة عن Full HD (أبعاد 1920x1080) لتكون الرؤية واضحة ومريحة للعين.
البطارية: إذا كنت ستتنقل بالحاسوب كثيرًا، تأكد من أن بطاريته تعمل لعدد ساعات كافٍ (4-6 ساعات كحد أدنى). عند شراء حاسوب، جرب بطاريته لمدة أسبوع وتأكد من أنها سليمة وتدوم، وإلا فمن الضروري إرجاعه، خصوصًا لو كان مستعملًا.
نظام التشغيل: لابد أن يكون الحاسوب قادرًا على تشغيل نظام Windows 10 على الأقل للحصول على الدعم.

ملاحظة حول دعم أنظمة التشغيل

شركة مايكروسوفت، التي تصنع نظام ويندوز، توقف التحديثات والدعم عن الإصدارات القديمة تدريجيًا. لقد أوقفت الدعم بالفعل عن Windows 7 و 8.1، والدور قادم على Windows 10 في نهاية عام 2025 تقريبًا. المشكلة هي أنه عندما يتوقف الدعم عن إصدار ويندوز، فإن شركات البرمجيات التي تصنع بيئات التطوير التي ستستخدمها تمنع هي الأخرى الدعم عن برامجها لتلك الإصدارات القديمة.

قد تقول: “ما المشكلة إذا اشتريت حاسوبًا قديمًا وقمت بتثبيت ويندوز حديث عليه مثل Windows 11؟” للأسف، إصدارات الويندوز الحديثة تحتاج إمكانيات أكبر لتعمل بسلاسة. على سبيل المثال، يتطلب Windows 11 معالجًا من الجيل الثامن على الأقل ليتم تثبيته رسميًا. ورغم وجود إصدارات معدلة تسمح بتثبيته على أي معالج، إلا أنها عن تجربة لن تكون مستقرة ولن تعمل بكفاءة.

الإمكانيات الموصى بها لأنظمة التشغيل:

Windows 10:
- المعالج: 1 جيجاهرتز أو أسرع
- الرامات: 1 جيجابايت (32-بت) أو 2 جيجابايت (64-بت)
- مساحة التخزين: 16 جيجابايت (32-بت) أو 20 جيجابايت (64-بت)
Windows 11:
- المعالج: 1 جيجاهرتز أو أسرع مع نواتين أو أكثر على معالج 64-بت متوافق (الجيل الثامن أو أحدث).
- الرامات: 4 جيجابايت.
- مساحة التخزين: 64 جيجابايت أو أكبر.

حاول ألا تقل عن هذه الإمكانيات. أردت توضيح هذه الملاحظات حتى لا تشتري حاسوبًا عديم الفائدة وتهدر أموالك.