مهام يمكنك إسنادها للذكاء الاصطناعي بأمان لتطوير إنتاجيتك

في العصر الذي نعيش فيه، عصر الذكاء الاصطناعي، يستعين كل العاملين في مختلف المجالات بالذكاء الاصطناعي. دعنا نتحدث عن المبرمجين الذين يخصوننا.

تحدثنا سابقًا عن البرمجة التفاعلية (Vibe Coding) وقدمت مقالًا كاملًا عنه يمكنكم الاطلاع عليه في المنشورات السابقة. الفكرة هي أن يكون لديك محرر نصوص بنموذج ذكاء اصطناعي تطلب منه الأوامر وينفذها لك. أود أن أقول لك إنك في المستقبل إذا اعتمدت عليه اعتمادًا كليًا ولم تفكر في تنفيذ الأمور التي تتطلب منطقًا وتفكيرًا بنفسك، فسوف تضيع وستصل إلى مرحلة سيئة جدًا، ولن تتمكن من المتابعة معه، ولن يساعدك في إنجاز فكرتك بالكامل، حيث سيتعطل في أجزاء معينة.

لقد ناقشنا كل هذا في مقال البرمجة التفاعلية. شاهدت فيلمًا خياليًا منذ فترة، واحتمال أن أحدثكم عنه في مقال لاحق، يحكي عن شخص سافر إلى المستقبل ووجد أن جميع الناس أغبياء. أعتقد أن أحد أسباب وصول الناس إلى هذه المرحلة من الغباء هو الاعتماد الكامل على الآلة دون استخدام العقل نهائيًا. فبعد 500 عام، قد يصل الإنسان بالفعل إلى مرحلة الغباء وعدم القدرة على فعل أي شيء بنفسه. فكرة الفيلم قد تكون مضحكة، لكنها توضح إلى أي مدى يمكن أن يصل الإنسان إذا اعتمد على الآلة بشكل كلي.

دعنا في هذا المقال نتحدث عن الأمور التي يمكنك أن تترك الذكاء الاصطناعي يقوم بها وأنت مطمئن، دون أن يؤثر ذلك على مستواك إطلاقًا، أي دون التأثير على منطقك، أو طريقة تفكيرك، أو تطور عقلك. لنتناولها نقطة بنقطة، بغض النظر عن البرنامج الذي تستخدمه، سواء كان من برامج مثل Wing, Serve, Cursor AI, Tri AI، أو حتى أي خدمة على الويب.

1. التعليقات والتوثيق (Comments & Documentation)

أسهل شيء في العالم هو عندما تكون تعمل على تطبيق معين، فبدلًا من أن تمسك كل دالة على حدة وتكتب ماذا تفعل وخصائصها، أو بدلًا من إنشاء توثيق للملف الكامل الذي تعمل عليه أو للتطبيق بأكمله، استعن بالذكاء الاصطناعي في هذا الجزء. من أسهل الأمور على الذكاء الاصطناعي أن يكتب لك توثيقًا لتطبيقك بالكامل، وينشئ توثيقًا للصفحة وللتطبيق، ويكتب تعليقًا على كل دالة يوضح وظيفتها؛ حتى يتمكن من يعمل معك من فهم سبب استخدامك لهذه الطريقة بدلًا من الأخرى. وليس هذا فحسب، بل يمكنه أيضًا أن ينشئ لك ملف README يحتوي على الحزمة التقنية (Stack) التي تعمل بها، مع إصداراتها، وكيفية الإعداد (Setup)، وكيفية النشر (Deploy)، وكل ما يتعلق بذلك.

كل هذه الأمور لا تتضمن أي منطق أو تطوير لعقلك. فكرة أن يقوم الذكاء الاصطناعي بها هي فكرة بسيطة وجميلة ولن تؤثر عليك، لأنها من الأعمال البديهية التي لن تضيف لك أي شيء سواء قمت بها بنفسك أم لا.

2. الترجمة والتوطين (Localization)

لنفترض أن لديك تطبيقًا باللغة الإنجليزية وتريد إنشاء نسخ منه باللغة العربية والإسبانية والفرنسية. أبسط شيء في العالم هو أن يساعدك الذكاء الاصطناعي في إنشاء ملفات اللغة، حيث يأخذ كلماتك ويترجمها لك. هذا من الأمور التي لن تضيف لك شيئًا على الإطلاق، سواء قمت بها بنفسك أم لا. إنها مجرد مجموعة من العبارات التي يأخذها لإنشاء ملف باللغة الأخرى ويترجمها تلقائيًا. الموضوع بسيط جدًا، وأفضل ما في الأمر أن الذكاء الاصطناعي سيوفر عليك الوقت ويمنحك مجالًا للإبداع، مبعدًا هذه المهمة تمامًا عن تفكيرك. وكما ذكرت، لن يؤثر ذلك على تفكيرك أو على تطور عقلك، فهي مجرد رسائل تُترجم إلى لغة أخرى.

3. التصميمات والأفكار (Designs and Ideas)

إذا كنت شخصًا لا تعمل بناءً على تصميم مبدئي (sketch) أعده لك مصمم واجهة وتجربة المستخدم (UI/UX)، وتريد إنجاز تصميمات بسرعة، فإن محاولة الإبداع في التصميمات ليست من مهامك الأساسية وستضيع وقتك. مع وجود الذكاء الاصطناعي، يمكنك الحصول على أفكار كثيرة وتصاميم متنوعة. يمكنك أخذها والعمل عليها، مع إجراء تعديلات بسيطة عليها وإكمال عملك. لا توجد هنا أي علاقة بين التصميم والمنطق، فالأمر مجرد شكل يظهر أمامك ومن المفترض أن يكون لديك منذ البداية. لقد أضفت هذه النقطة لأنني لاحظت أن الكثيرين يعملون بمفردهم دون تصميم يتبعونه، فيضطرون لتجربة الألوان والأشكال المختلفة. أمر بسيط (prompt) للذكاء الاصطناعي يمكن أن يوفر عليك كل هذا العناء ويقدم لك تصميمًا وفكرة. وفي نفس الوقت، اعتبر هذه مهام روتينية لن تضيف لك شيئًا، ومن الأفضل أن يقوم بها الذكاء الاصطناعي لتوفير وقتك.

4. إعادة الهيكلة (Refactoring)

بعد الانتهاء من تطبيقك، قد تكتشف أن بعض أسماء الأصناف (Classes) والدوال (Functions) غير مرتبطة (not related) بالموضوع، أي أن هناك أسماء غريبة لا تعبر عن المطلوب. أسهل ما يمكن أن تطلبه من الذكاء الاصطناعي هو تعديل اسم صنف أو دالة معينة، حيث سيقوم بتعديلها في كل مكان في التطبيق مع مراجعها (references). حتى لو كان الاسم مستخدمًا في التوثيق، سيقوم بتبديله في كل مكان. سيجري عملية إعادة هيكلة كاملة ويعدل الاسم في كل صفحة وكل استدعاء، بما في ذلك أسماء الأصناف وكل شيء.

وليس هذا فقط، بل يمكنك أن تطلب منه اقتراح أسماء مناسبة بناءً على سياق الكود. هنا لا يوجد أي مجال للتفكير أو تشغيل العقل. أنا أقوم بإعادة هيكلة، وجدت اسمًا غير مناسب، وسأجعل الذكاء الاصطناعي يغيره في كل مكان.

مثال: لنفترض أن لديك دالة بهذا الاسم:

function ElzeroWebSchool() {
  // code
}

يمكن للذكاء الاصطناعي تغييرها إلى اسم أنسب مثل initializeWebApp وتحديث جميع استدعاءاتها في المشروع. في النهاية، هو نفذ المطلوب، وقد يقترح اسمًا مناسبًا جدًا ستجده ملائمًا عند مراجعته لاحقًا. هذه أيضًا من الأعمال الروتينية التي لا تتطلب تشغيل العقل.

5. تسجيل الملاحظات (Logging)

سواء كنت تسجل ملاحظات (log) في طرفية الويب (console) أو تعمل على إطار عمل في الخلفية (backend) ينشئ ملفات سجل (log files) لكل الأخطاء، فإن إزالة هذه السجلات بعد الانتهاء من التطوير مهمة. في كثير من التطبيقات، بعد الانتهاء، أمر على كل صفحة لإزالة رسائل التسجيل التي كنت قد أضفتها للتأكد من أن كل شيء يسير على ما يرام. أسهل ما يمكن أن يقوم به الذكاء الاصطناعي، وبدون أي تفكير منك، هو أن تطلب منه إزالة كل رسائل التسجيل من التطبيق. سيمر على كل صفحة ويزيل console.log ورسائل التسجيل في إطار العمل وأي رسائل تصحيح (debugging) كنت قد وضعتها لتجربة تطبيقك. هذه أيضًا من الأعمال الروتينية التي قد تضيع بعض الوقت، لكن الذكاء الاصطناعي سينجزها في ثوانٍ.

6. مراجعة الكود (Code Review)

هنا يجب أن نركز قليلًا حتى لا تفهم الأمر بشكل خاطئ. فكرة مراجعة الكود هي أن يقوم الذكاء الاصطناعي بمراجعة الكود الخاص بك وتقديم اقتراحات. لو كنت تعمل بمفردك، فإن مستواك الحالي هو ما وصلت إليه. ما الذي يمكن أن يطور مستواك؟ أن يقوم شخص أعلى منك خبرة بمراجعة الكود ويقول لك: “هذه الدالة يمكن أن تكون أفضل”، ويوضح لك البديل الأفضل. هنا يبدأ مستواك في التطور.

الآن، مع الذكاء الاصطناعي، هل يؤذيك إذا قام بمراجعة الكود؟ لا، فالأمر مشابه لوجود شخص خبير يوجهك. عندما تطلب من الذكاء الاصطناعي مراجعة الكود وتقديم اقتراحات، سيقدم لك أمورًا ممتازة جدًا. جرب ولن تندم. سيبدأ في إخبارك بما يجب فعله في ملفات معينة، وأشياء يمكن اختصارها، ودوال أفضل من حيث الأداء، ومكتبات أحدث من التي تستخدمها.

لكن، لن تأخذ كلامه بثقة وتتبعه بشكل أعمى. بل ستمسك بكل اقتراح على حدة وتتحقق من صحته، وتسأل نماذج متعددة مثل ChatGPT وGemini وGrok وغيرها. عندما أعمل، أجد إجماعًا على نقطة معينة، فأبدأ بالقراءة عنها وتطبيقها. مراجعة الكود والاقتراحات والأفكار من الأمور العظيمة التي يفضل أن تتركها للذكاء الاصطناعي بعد أن تنتهي تمامًا. قل له: “راجع الكود الخاص بي وقدم ملاحظاتك”. بعد ذلك، ستتطور وتبدأ في تعلم ما أشار إليه، وستصبح حياتك أفضل بكثير.

7. فهم الأكواد المعقدة

إذا كنت تتعامل مع البرمجة التفاعلية وتراجع الأكواد، قد يكتب لك الذكاء الاصطناعي أحيانًا أشياء قد لا تفهمها. إياك ثم إياك أن تتركها قبل أن يشرحها لك. اجعله يحلل لك هذا الكود سطرًا بسطر ويوضح لك وظيفته حتى تتعلمه. هذا أمر ضروري لا نقاش فيه. إذا ترك لك شيئًا منفذًا، لا تتركه كما هو وتكمل لمجرد أنه يعمل. قد تجد فيه أسطرًا كثيرة من الأكواد غير الضرورية. بعد أن يوضحها لك وتناقشه، قد يختصر الكود أو يغيره تمامًا. لا تترك أي كود، سواء كان معقدًا أم لا، دون أن تفهمه.

8. اختبار الوحدات (Unit Testing)

الكثير من الناس الذين قابلتهم على مر السنين لا يعرفون شيئًا عن اختبار الوحدات (Unit Testing) ولا يقومون به. يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعدك في هذا الجزء، حيث يكتب لك حالات اختبار (test cases) لدوالك. وهذه من الأمور التي، مرة أخرى، لن تطور من تفكيرك المنطقي. فالدالة التي كتبتها بنفسك هي الجزء المليء بالمنطق والتفكير، وقد أنجزتها بالفعل. لكن هناك ما يسمى باختبار الوحدات، وهو اختبار ما إذا كانت الوحدة ستحقق النتيجة المرجوة أم لا. يمكن للذكاء الاصطناعي إنشاء حالات الاختبار هذه، وتحديد الأخطاء المحتملة، والتحقق مما إذا كانت الحالة تحقق النتيجة التي تريدها أم لا. إنه عمل روتيني لن يضيف لك شيئًا، فمن الأفضل أن تترك الذكاء الاصطناعي يقوم به.

9. أوامر وأدوات مساعدة

أنا أؤمن بأهمية تعلم كل شيء في عصر الذكاء الاصطناعي، ولكن لنكن منصفين. لنفترض أنني أعمل على مشروع وواجهت بعض الأخطاء في أوامر Git التي لا أعرفها. لن أذهب لتعلم دورة كاملة في Git وGitHub وأتوقف عن المشروع. يمكنني تعلمها في وقت لاحق، ولكن في هذه اللحظة، يمتلك الذكاء الاصطناعي مرجعًا كاملًا لجميع أوامر Git ويمكنه تحليل الموقف وتقديم الحل الصحيح. يمكنك الاستعانة به في هذا الجزء، حيث تقدم له السيناريو كاملًا وتسأله عن الأمر الصحيح الذي يجب كتابته لإصلاح المشكلة. لا مشكلة في ذلك، ما دمت ستعود لاحقًا لتكمل تعلم أوامر Git وتحترفها، لأنك ستستخدمها طوال حياتك.


نأمل أن يكون هذا المقال قد نال إعجابكم. إذا أعجبتكم هذه الأفكار، اكتبوا في التعليقات إذا كنتم تريدون مقالًا آخر حول النقاط التي قد تضركم إذا تركتم الذكاء الاصطناعي يقوم بها.

شارك المقال

أحدث المقالات

CONNECTED
ONLINE: ...
SECURE
00:00:00